- المرقاب
عباس خضر الألماني-العراقي في الأسر فمن يسعى لإطلاق سراحه؟

الروائي الألماني العراقي عباس خضر: نضجتُ في المنفى وكُتّابنا أسرى آلام الماضي فمالذي يحررنا؟ حاوره :حسن عبد راضي
عباس خضر ..اسم لا يتردد كثيراً في الأوساط الثقافية العراقية، ليس لأنه غير معروف، ولكن لأنه مغترب منذ ربع قرن، ولأن نتاجه في العقد الأخير كُتب بلغة أخرى غير العربية هي اللغة الألمانية، لكنه معروف في بلاد المهجر حيث يعيش. عباس خضر المولود في بغداد عام 1973 كاتب وشاعر عراقي غادر العراق بعد أن اجتاز تجربة سجن مريرة دامت سنتين، استقر في ألمانيا منذ عام 2000 بعد ترحال طويل بين بلدان عدة، له من الكتب بالعربية ديوانا شعر وكتاب نقدي، وله من الأعمال المكتوبة بالألمانية "الهندي المزيف" 2008 و " برتقالات الرئيس" 2011 و "رسالة إلى جمهورية الباذنجان " 2013 التي توجت بجوائز ومنح أدبية.
التقيته في برلين حيث يقيم، فكان هذا الحوار:
{ أنت روائي ألماني عراقي، نتحدث هنا عن هويتين؛ هوية الجذور العراقية، وهوية الإقامة والحياة الألمانية، وعن ثقافتين؛ ثقافة نشأت فيها، وثقافة ستكمل حياتك فيها، هل تجد نفسك في الضفتين؟
- خرجت من العراق وأنا أبلغ من العمر ثلاثاً وعشرين عاماً، قبلها أضعت عامين من حياتي ولا أعدها حياة لأنني قضيتها تحت الأرض في السجون العراقية، لقد جاوزت الأربعين الآن، معنى هذا أن نصف حياتي قضيته في العراق والنصف الآخر خارجه، وأنا في ألمانيا منذ عام 2000 اكتمل وعيي ونضجت في المنفى، فحين أفكر بحياتي استنتج انني ابن المنفى، هذا واقع اصبحت رجلًا في المنافي وليس في بلدي، ووحيدَا في الخريطة، ولذا فحين أفكر أي هوية أنا احمل؟ أجده سؤالاً بالغ الصعوبة ولا استطيع الاجابة عليه ببساطة، وإذا أجبتُ الآن فقد يتغير جوابي بعد عام. أنا أكتب بالألمانية، وأقرأ بالألمانية، ودرست بالألمانية. ولديّ جمهور ألماني كبير. وليس لدي ارتباط بالعرب لسببٍ معين، لعدم توفر كتبي باللغة العربية. فكتبي تُرجمت لأكثر من لغة عالمية لكن لم تترجم إلى هذه اللحظة من التاريخ إلى العربية. الناس تسمع عني في العالم العربي حينما يحدث لي شيء في أوروبا أو في ألمانيا، لكنني مجرد اسم بعيد وغريب عن المجتمع العربي. الشيء الحقيقي الذي أعادني إلى العالم العربي بعد سنوات طويلة هو الربيع العربي، فقد أعادني بقوة إلى الثقافة العربية، كانت مرحلة جميلة من تاريخنا فلأول مرة تخرج مجتمعاتنا إلى الشوارع، وأنا واكبت هذه المرحلة وسافرت إلى مصر وعشت هذه اللحظات.
{ متى كان ذلك؟ هل تزامن مع أيام دراستك اللغة الألمانية في معهد غوته؟
- لا أيام كورس معهد غوته كانت في عام 2014 و2015 اما أنا فقد ذهبت إلى مصر لأول مرة في عام 2011 أيام الثورة، تلك اللحظات أعادتني وشعرت لأول مرة ان الشعب العربي يستطيع ان يكتب قصته بنفسه، لا يكتبها الرئيس ولا سلطة خارجية ولا أمريكا ولا الحركات الإسلامية، بل يكتبها الناس البسطاء الذين يخرجون إلى الشارع ويشعلون ثورة. هذا أعادني كثيراً للمجتمع العربي لكن حتى اللحظة لم أحاول أن استفيد من هذه المرحلة أدبياً، وذلك لقناعتي بأن الاحداث إذا لم تتحول إلى ماضٍ لا يمكن ان نكتب عنها بطريقة موضوعية.
{ هل كنت موجوداً طوال مدة احتجاجات 25 يناير؟
- نعم كنتُ موجوداً في الساحات لحين سقوط مبارك، بعدها عدت إلى ألمانيا.
{ ماذا كان شعورك حينها، أكنت مواطناً عربياً أم مصرياً، أم لعلك عراقي شارك إخوته المصريين، وربما ألماني يحاول ان ينسخ تجربة غيفارا؟
- لقد عشتُ ثورات كثيرة وحركات معارضة تحررية في العالم العربي، في عام 1991 كنت ابن جيل ثورة 1991 في العراق، عشت ثورة الجياع "ثورة الخبز" في الأردن، عشت انتفاضة البيضاء على معمر القذافي في ليبيا التي فشلت أيضاً، وقمعها معمر القذافي، هذه الثورات فشلت كلها، فأن تعيش لأول مرة ثورة ناجحة هو شعور رائع لا يمكن وصفه، وعندما قال مبارك أن "أجندة أجنبية" وراء ما يجري، حملني أصدقائي المصريون على اكتافهم هاتفين: "الأجندة الاجنبية...الأجندة الاجنبية". في ساحة التحرير شعرت بأن الثقافة العربية ولدت من جديد، ولذا لم أكن ألمانياً ولا عراقياً، بل عربي إنساني يعيش الثورة.
{ هل تشعر أن الحبل السري بينك وبين العراق مقطوع، أم هو قائم لكنهُ ضعيف ولا يمكن أن يكون حبل تواصل كاملًا حقيقيًا؟
- بكل صراحة ودون أي مجاملة، لا يوجد شعور بالوطن بدون شغف، بدون شغف لشيءٍ ما. وأنا لدي مشكلة بعد كل هذه السنين، أنا فقدت الشغف بالعراق لا يوجد لدي شيء أسمه شغف. لدي شغف لذكريات الطفولة أو العائلة، لكن ما هي ذكرياتي؟، ذكريات الحرب، ذكريات المعتقل، وما بعدها 2003 ذكريات الموت والانفجارات والقتل العشوائي و و و... والخراب. فلذلك أشعر بأنني أحتاج إلى شيء يجعلني أشغف أو أشعر بالحنين إلى مكان أو إلى حالة أو شيء، هذا فقدته حقيقةً في علاقتي بالعراق وهذا واقع لا أريد أن اكذب به. الشيء الذي يُرجعني إلى العراق أو يجعلني أحياناً أقترب أنه عالم الثقافة، أفرح عندما يحصل عراقي على جائزة أو يُكتب عمل شعري أو أدبي يُمدح، حتى الرياضة عندما فاز منتخب الناشئين أنا رقصت في البيت. مثل هذه الأشياء أنتظر أشياء جميلة من بلدي، واحتاج أشياء جميلة تُرجع إليّ الحنين، فحقيقةً الحنين أنتهى لدي منذ سنوات طويلة.
{ لنعد إلى أعمالك، التي كان أولها بالألمانية "الهندي المزيف" فهل لاقى نجاحاً لدى القراء الألمان؟؟
- نعم هو أول عمل لي بالألمانية. كانت البداية صعبة كثيراً مع الكتاب الأول، فأنا أولاً مهاجر لم أولد في ألمانيا ولم تكن الألمانية لغتي الأُم، لقد جئتها وعمري سبعة وعشرون عاماً، ورغم ذلك تعلمت اللغة ودرست بها. وثانياً ناشر الرواية كانت دار نشر صغيرة في هامبورغ وليست من تلك الدور الكبيرة الشبيهة بالمؤسسات الاعلامية الضخمة، ولم يكن هناك أي صدى في الشارع الألماني أو الصحافة الألمانية عن الكتاب.
{ هل بيعت أي نسخ من الرواية؟
- في العام الأول من صدورها بيع منها ألفا نسخة، وهذا العدد من النسخ يُعدّ لا شيء في ألمانيا، فهذه كانت البداية.
{ هل صدمك هذا الموضوع حينها؟
- نعم طبعاً، لأنّي كنت أتصور أنني ابتكرت كتاباً جديداً، لكن الشيء الذي خدمني كثيراً هو أن ناقداً ألمانياً كتب عن الكتاب وأشاد به كثيراً. فانتبهت عليّ مؤسسة ألمانية تمنح جائزة أدبية باسم "شاميسو" وعند حصولي على هذه الجائزة، بدأ النقاد والصحفيون يتساءلون: من هذا الذي حصل على الجائزة؟ فانفتحت لي الأبواب وانتعش بيع الكتاب مع الوقت. ورغم تعثره في البيع في البداية، لكنه ترجم إلى أكثر من إحدى عشرة لغة، وما زال "الهندي المزيف" يُباع في السوق حتى اليوم.
{ بما أن "الهندي المزيف" مكتوبة بالألمانية ولم تتُرجم إلى العربية ولا سبيل إلى معرفة شيء عنها، فهل لك أن توضح فكرتها؟ هل كانت تتكلم عن محنة الأنسان بين ثقافتين؟
- لا، لم تتناول "الهندي المزيف" هذه القضية، بل كانت تتناول حياة المهاجرين بين الشرق والغرب، فموضوعها الأساسي كان طُرق التهريب، كيف يعيش المهاجرون أيام التهريب، وكيف يتعامل المهربون، وكيف تكون الحياة وأسعار التهريب، والمشاكل التي يواجهها المهاجرون.
{ هل يمكننا أن نقول إنها كانت رواية تسجيلية؟
- نعم نستطيع القول بأنها كانت رواية تسجيلية، لكن أنا في وقتها كنت أُريد أن أبدأ الكتابة باللغة الألمانية، فكانت فكرتي أن أبتكر شيئاً جديداً، والشيء الجديد الذي ابتكرته كان يتعلق بالجانب الفني فيها، كانت ثمة قصة واحدة رُويت ثماني مرات، روتها الشخصية ذاتها من زوايا مختلفة، عن رحلة تبدأ من بغداد وتنتهي في ميونخ في بافاريا – ألمانيا، لكن البطل يرويها مرة عن طريق علاقته بالكتب مثلاً، ومرة أخرى يرويها عن طريق علاقته بالجنس وعلاقات الجنس عبر الدول، ومرة يرويها من خلال علاقته بفقدان الأصدقاء والأحباب والعائلة وما شابه ذلك, هي محاولة في الربط بين المقامات العربية والرومانسية الألمانية. أن تكتب بالألمانية في بلد كافكا وغوته وشيلر فعليك ان تثبت نفسك أدبياً وتنافس.
{ في "موسم الهجرة إلى الشمال" طرح الطيب صالح صراع الحضارات وأزمة انشطار الهوية عبر شخصية "مصطفى سعيد" هل تعتقد أن شخصيات رواياتك يعانون المشكلات ذاتها؟
- كلا ..لم يكن هذا وارداً في روايتي الأولى، لكنني تناولتها في رواية "صفعة" التي تدور احداثها في بيوت اللاجئين في ألمانيا، وتروي حياة المهاجرين وطبيعة علاقتهم بالألمان وبالمجتمع الألماني وبدوائر الدولة الألمانية، وكيف تلعب السياسة بحياة هؤلاء. كان الكتاب إشكالياً لأنه انتقد المجتمع الالماني كثيراً، فضلاً عن نقد المهاجرين أنفسهم، والحياة التي يعيشونها في ألمانيا.
{ عباس خضر لست العربي الوحيد الذي يكتب بالألمانية، هُنالك السوري رفيق شامي، أأنتما فقط من استطاع عبور حاجز اللغة الألمانية الصعبة أم هُنالك من يُحاول بهذا الموضوع؟
- للآن رفيق شامي وأنا من الأصول العربية نكتب بالألمانية، وهنالك تجارب أخرى، بعضهم بدأ وتوقف عن الكتابة مثل العراقي حسين الموزاني ، إذ كتب روايات بالألمانية وترجمها إلى العربية بعد ذلك بنفسه، بعدها توقف وبدأ ينشر باللغة العربية.
{ هل كانت ناجحة رواياته بالألمانية؟
- نعم إحدى رواياته كانت ناجحة بشكل جيد، رغم ذلك لا أعرف لماذا توقف فترة طويلة من الزمن. ثمة مثقفون عرب آخرون يعيشون هنا مثل فاضل العزاوي، لكنه يكتب بالعربية فقط.
{ رغم أنه يتقن الألمانية.
- نعم فاضل ألمانيته جيدة، لكنه لم يجرب أبداً الكتابة بالألمانية.
{ طيب، على غرار الفرانكفونية، هل تعتقد أنه من الممكن ولو في المستقبل المتوسط أو القريب، أن يكون هنالك تيار ثقافي يمكن أن نسميه تيار الدُويِتشفونية؟
- أنا أتصور أن ذلك ممكن، قد يكون المصطلح مختلفاً، لكن لا تنسَ أنه ليس المهاجرون العرب وحدهم من يعيشون في ألمانيا، ثمة مهاجرون أتراك مثلاً اندمجوا كثيراً في المجتمع، وجيل واسع منهم ولدوا في ألمانيا واصبحوا جزءاً لا يتجزأ من الثقافة الألمانية، وثمة جاليات من إسبانيا وروسيا وحتى أمريكا، ويكتبون باللغة الفرنسية أو الألمانية.
{ حدثنا عن عمليك الآخرين، برتقالات الرئيس، ورسالة إلى جمهورية الباذنجان؟
- برتقالات الرئيس هي رواية تدور أحداثها من بداية الثمانينيات حتى انتفاضة عام 1991 مرحلة الحرب الأولى بين العراق وإيران والثانية بين العراق والكويت. تدور أحداثها في المعتقل وتنتهي مع انتفاضة 1991. هي محاولة لسرد تاريخ العراق من الثمانينيات إلى 1991 وما حدث في العراق، عن طريق حكاية شاب صغير عمره تسعة عشر عاماً يُحب الطيور "مطيرجي" كما يسميه العراقيون، ثم في لحظة ثمانينية من لحظات الفاشست المرعبة يلقى القبض عليه، فيقضي قرابة سنتين في السجن ويطلق سراحه في 1991 إبان الانتفاضة، وأحداثها تجري كلها بين الحلة والناصرية. لقد تحدثت عن القيم التي كانت موجودة بداية الثمانينيات، وكيف أثرت فيها الدكتاتورية فاندثرت، كما رويت حياة المعتقل العراقي، كيف يعيش وماذا يحدث له في المعتقل وطرق التعذيب.
{ أفترض أنك وظفت خبرتك التي عشتها أنت في سنتين، في صياغة حياة المعتقل.
- نعم صحيح، قضيت سنتي سجن وكانت لي تجربة كبيرة مع أناس كثيرين، محاولة أقرب إلى رواية تاريخية تسرد تاريخ العراق من 1980 إلى 1991 مروراً بانتفاضة آذار وفشلها ايضاً. إنها رواية أدب سجون في بلد لم يعرف شيئا من هذا الأدب بعد الحرب العالمية الثانية، وهي حقاً الرواية التي صنعت لي اسماً في ألمانيا.
{ أأنت معروف في كل العالم الناطق بالألمانية، مثلاً في النمسا وسويسرا وبلجيكا أم في ألمانيا فقط؟
- ألمانيا مهمة كثيراً لي لأنني أعيش وأكتب فيها، وكتبي موجودة بقوة فيها أيضاً، وفي سويسرا أيضاً لأنني أقيم أمسيات هناك، والسويسريون يهتمون بالأدب بطريقةٍ ما، كذلك في النمسا، لكن بصورة عامة الدول التي تتكلم بالألمانية لي فيها حضور كبير.
{ هل يقاطعك العالم العربي؟ لماذا لا يعرف عنك كثيراً.
- لأني أكتب بالألمانية، وجمهوري ألماني، فالإشكالية هي إشكالية ترجمة، تُترجم كتبي إلى لغات أخرى، والمشكلة التي أعاني منها للآن تتعلق بالترجمة إلى اللغة العربية، أي مُترجم يشرع في ترجمة كتبي تصدمه إشكالية شخصيات كتبي، فهم يتكلمون بحرية مُطلقة، قد تمس بعض التابوهات التي لا يتقبلها القارئ العربي.
{ هل لأنك تعامل ككاتب ألماني، يغيب اسمك عن الجوائز العربية؟
- طبعاً أنا كاتب ألماني، فأنا لا أكتب بالعربية، والجوائز العربية تتوجه للكاتب العربي الذي يكتب بالعربية، فلا أعرف ان كان هُنالك جوائز عربية تمنح لمن يكتب بلغات أخرى. لكن في ألمانيا ثمة جوائز للألمان وجوائز عالمية. { برغم إنك كاتب ألماني تكتب بالألمانية، لكن إشكاليات رواياتك ما زالت إشكاليات شرقية عربية. - نعم في كتبي الثلاثة الاولى.
{ إذن هل ستغادر هذه المنطقة؟
- أنا حقيقة أعتقد أن الكاتب لا يختار موضوعاته، بل هي تختار كاتبها، لا يعنيني إن كانت المواضيع شرقية أو غربية، المهم أن اكتب عن موضوع يثيرني، أحس أن روحي فيه، أحس فيه شغفاً ورغبة. حينما أشعر بهذا سأكتب.
{ إلى أي اتجاه تنتمي أعمالك، أهي واقعية مثلاً أم ماذا تصنفها.
- في البداية حاول بعض النقاد أن يصنفوا أعمالي تحت "الرواية الوثائقية أو التسجيلية"، أنا كنت أرفض هذا الموضوع، أنا أعمل على الجانب التوثيقي في العمل الروائي، أي القضايا التاريخية والوقائع، تكون حقيقية بالتأكيد. لكن محاولتي الابتعاد عن التوثيقي ومحاولة صنع مسار خاص بي، نقاد آخرون أدخلوني في أطار الأدب الجديد، أدب المهاجرين في العالم، قد يذكرون فلادمير نابوكوف فيما كتب عني، فهو أيضاً روسي كتب بالإنجليزية على سبيل المثال، لكن حقيقةً أنا لا أستطيع أن أصنف نفسي، لكني أحاول أن أجعل الوثائقي والحدث التاريخي والواقعي خادماً للعمل الروائي، وليس العكس.
{ كيف تنظر لواقع الرواية العراقية إجمالاً في الفترة الإنتقالية من مناخ الديكتاتورية إلى مناخ الديمقراطية.
- حقيقةً لا أريد أن أقول بأنني خبير بالواقع العراقي، وواقع الرواية العراقية لكن أنا أتابع، كنت أتابع لكني توقفت فترة عن المتابعة، لكن ثمة حركة أدبية في العراق وثمة محاولات، بعض الأدباء حاولوا أن يقدموا شيئاً، وبدأ جيل جديد يظهر لكني أشعر أنه منذ 2003 حتى هذه اللحظة من التاريخ، لم تتوفر للأديب العراقي فرصة التوقف والحداد على ما مضى، أي أن تودع الماضي لتبدأ صفحة جديدة، لم نودع كثيراً من الآلام، آلام الماضي ولا آلام الحاضر.
{ وذلك لأن الألم مازال يتشكل ويتجدد.
- أجل أي أن الألم مازال يتشكل كل مرة بشكل جديد، أحس بأن هذه إشكالية، أنا في تصوري أن عالم الأدب وعالم الرواية خاصة، يحتاج إلى نوع من الهدوء والاستقرار ليستطيع المرء كتابة رواية، أنا أستطيع أن أكتب مجموعة شعرية عند السير في الطريق، أسافر إلى أمريكا اللاتينية أو الهند وأكتب.
{ أنت تعيش من كتابتك، وليس كالكاتب في الشرق الذي قد يعمل مدرساً لكنه روائي في الليل، أو سائق تكسي أو أستاذ في الجامعة أو اعلامي أو صحفي، لأن الكتابة لا توفر مصدر للعيش.
- الأدباء الذين يعملون وينتجون يصبح لهم عمل و اسم، لكن طبعا ليس من كتاب أو كتابين. ثمة في كل مدينة منحة سنوية أو نصف سنوية لأديب ليتفرغ للكتابة ويكتب كتابًا جديدًا، هنالك أكثر من مئة وعشرين جائزة أدبية مُعتبرة في ألمانيا، ويوجد أكثر من مئة منحة، لهذا أقول إن كل من ينتج في العراق يستحق تمثالاً، فكل الظروف غير ملائمة للإنتاج. أنا أعد نفسي في حالة رفاهية مطلقة، لا نستطيع أن نقارن، لدينا بعض الأسماء التي ظهرت كأحمد سعداوي، وقرأت رواية عن مدينة الثورة عنوانها "خلف السدة" لعبد الله صخي وأعجبتني، ومن القصاصين حسن بلاسم أعجبتني قصصه.



عباس خضر: "الألمانية هي لساني الجديد"