- المرقاب
عربي يصرخ: هل مازالت بلاد العرب أوطاني؟ تبا لكم لما خدعتمونا؟

" حزن يتمدد في الكون "
-نص -
لطقوس القتل نرفع رقابنا على المقصلة
تترنح اعناقنا كغريق يهذي
من اجل أرض نَفَضت شعبها
و تكالبت عليها أسرجة العُرباء.
لخجل النخيل نشحذ عزمنا المجبول على الخطيئة ،
مخنوقٌين بعبق السَّخَط
مُجازٌ في فسحة الوقت ..
مركونٌ على رف اللصوص الذين جعلوا من هزائمنا ترسانة لبطشهم القادم ..
هم الفرسان المدججون بالنار و نحن الآن ساحة حربهم
وجثثنا العطشى تَرمي على جدران المقابر
..
حزننا الأبدي يموج كليل صارخ ،
يتمدد في الكون كلما اشتدت عُراه
نحن النازحين من أشدّ المسافات ،
القاطنين سرابيل الإنتهاك
المأخوذين بشراسة المشهد
المغضوب عليهم
المفضوح أمرهم ..
ها نحن ،
صرعى ،
ملاذنا الغاب العتيق
نتلظى عل نخب الفقد
و كأن نهاياتنا تلوذ بفقر الشره
نتكئ على تِكية مغمورة
لا يبغيها العالم ،
تصاحبنا لعثمات الزلل
لا ننطق
لا نسمع
لا نرى
يسير من قدامنا جلاوزة الميزان
و تتبعنا حسرات المكان ..
لهم الأرض و البحر
لهم هواء الكون كله
لهم عيشة الطِراف الممدة
و نخل سليب مُرتَهن
و أشرعة خرقاء ..
ها نحن ،
لا نعرف ،
لا نعرف أي طريق نسلك
لا نذكر التراب ،
لا نشرب من جرار الصحوة
لنا صيرورة الظلام
ولوعة الفاقدين
لنا الرمق الأخير من الغرق
ها نحن ،
يبطش الذل بنا
من هون التراب
تستعجل بناصيتنا زُمَر الزمن
يا إلهي ،
هذه أمانينا مركونة على باب اللصوص
كم تراءت لنا غبشة الصباح الكاذب!
كم سُحِبت من علينا أطباق الولاء !
و تبعثرت أصواتنا
بين مسلوب أمرٍ
و آخر نادب للوقت
لا زلنا نصلي
و ندعو
و نستجير بالحاشية ..
تلك أمانينا سحقها العسكر
عندما أهالوا على مقابرنا زبد الوعود
و سكبوا على أفئدتنا جمار التاريخ
تلك أمانينا تهشمت على بلاد العرب
و اشتكت من فصاحتها ثُلّة العُهر ..
تباً ،
لقد جاوَرَنا الضيم زماناً
لم نعِ حداثة الطعن
لم نكترث بغزارته
مسحنا الدم عن خاصرتنا
و رمينا ضمادتها لعين الشمس
علّ نزيفنا يكون الحادي
و تكون الريح شاهدة الميدان
أمانينا على رف اللصوص تستجير
المُجير قرصان أبيض
قوت ناره نحن
نار تلاحقها ضواري الملح ..
القرصان يعتمر قبعة سوداء
و ياقة زرقاء
يلوح في الأفق القريب و البعيد ،
ها نحن اضحوكة القَدَر
وامتحان الآلهة
يحول بين الماء و بيننا استار و نجوم و أسلحة وهزائم .

- جاسم الحاجي -
نوڤمبر 2020
شاعر وأديب بحريني